ما مدى حماية المنشآت النووية من الإرهابيين؟(********)
لقد أثارت أحداث 11/9/ 2001 المأساوية أسئلة مزعجة حول قابلية المرافق النووية للعطب نتيجة الهجمات الإرهابية. وعلى الرغم من اتخاذ إجراءات مدنية وعسكرية متشددة لوقف الاعتداءات المزمعة فإن التحطيم المتعمد لطائرة تجارية كبيرة يلوح في الخيال. فهل على الأمريكيين أن يقلقوا؟ الجواب هو كلا ونعم.
ليست المنشأة النووية هدفا سهلا بالنسبة إلى طائرة تجارية تطير بسرعة كبيرة، لأن الضربة الحائدة عن مركز مبنى الاحتواء الأسطواني المقبب لن تؤثر في بنية المبنى تأثيرا بالغا. كما أن موقع قلب المفاعل بالذات، يكون عند مستوى سطح الأرض أو تحته ولا يتجاوز قطره 10 أقدام (2.5 متر) وارتفاعه 12 قدما (3 أمتار). وهو محصور في وعاء فولاذي ثقيل محاط بقلعة خرسانية. وتختلف تصاميم أبنية احتواء المفاعل في التفاصيل لكنها في جميع الحالات معنية بتحمل أسوأ قوى الطبيعة (بما في ذلك الزلازل والأعاصير والعواصف). وعلى الرغم من أن أفنية الاحتواء ليست مصممة لمقاومة الأعمال الحربية، فإن بإمكانها أن تتحمل ارتطام الطائرات الصغيرة بها.
وعلى الرغم من توفير الحماية لقلب المفاعل فإن بعض تمديدات الأنابيب ومعدات تبريد المفاعل وكذلك الأجهزة المساعدة وساحة المحولات switchyard المجاورة يمكن أن تكون عرضة للعطب من ضربة مباشرة. إلا أن محطات الطاقة النووية مزودة بنظم طوارئ متعددة للتبريد، كما أنها مزودة بوحدات طوارئ للتزود بالطاقة في حال انقطاعها. وفي حال وقوع الحدث غير المحتمل الذي تدمر فيه جميع هذه الاحتياطات الإضافية يمكن أن يسخن قلب المفاعل أكثر مما ينبغي وينصهر، ولكن حتى في هذه الحالة المغالى فيها، والتي تشبه ما حدث في ثري مايل آيلاند، تبقى مواد القلب المشعة محتواة ضمن وعاء الضغط.
وإذا كان للمنشآت النووية من نقطة ضعف فهي المرافق المؤقتة في الموقع المقامة لتخزين الوقود المستنفد. فعلى الرغم من أن هذه المستودعات تحتوي عادة على عدة تجميعات من الوقود المستخدم، وفيها إذن نشاط إشعاعي إجمالي أكثر مما هو موجود في المفاعل، فإن معظم النظائر المشعة الأشد خطرا في الوقود القديم تكون قد اضمحلت. وينطبق هذا بصورة خاصة على منتجات الانشطار الغازية التي يمكن أن تنطلق إلى الجو، وهي التي تقدر أعمار النصف لها بالشهور. وتحفظ تجميعات الوقود المستنفد المزالة حديثا من المفاعلات في أحواض مائية عميقة لتبريدها وحجب الإشعاع الصادر عنها. وتحاط هذه الأحواض المفتوحة بحاويات سميكة الجدران من الخرسانة المسلحة بالفولاذ. وبعد عدة سنوات تنقل المواد إلى براميل تخزين الوقود الجافة المبردة بالهواء والمصنوعة من الخرسانة.
وعلى الرغم من أن أحواض التبريد لا تشكل سوى هدف صغير نسبيا، أي إنه هدف صعب بالنسبة إلى الإرهابيين، لكن هجوما محكم التسديد يمكن أن يؤدي إلى تسرب ماء الحوض وتسخين الوقود أكثر مما ينبغي ومن ثم انصهاره. ويقول المختصون إن الخرطوم العادي المستخدم في إطفاء الحريق يمكن أن يكفي لإعادة ملء الحوض. ويضيفون إنه حتى لو انصهر الوقود فلن ينتج من ذلك سوى القليل من الجسيمات المشعة التي يمكن أن يحملها الهواء. أما ارتطام طائرة تجارية ببراميل تخزين الوقود الجافة فلن يؤدي في الغالب إلا إلى قذفها جانبا. ويقول المختصون في الأمان النووي إنه عند حدوث شرخ في أي برميل فقد تحمل القطع المحطمة من غلاف الوقود المؤكسد بعض النشاط الإشعاعي باتجاه السماء.
ويعتقد بعض المختصين أن هيئة التنظيم النووي سوف تأمر قريبا بتقوية التجهيزات المساعدة في المنشآت النووية وفي مرافق تخزين النفايات.
وإذا حدث مثل هذا الهجوم الإرهابي فهناك خطط موضوعة لإجلاء السكان القريبين، إلا أنه يجب القول بأن هناك انتقادات تزعم أن هذه الخطط غير عملية. ويُعتقد على أية حال، أنه سيكون هناك ما بين ثماني وعشر ساعات متاحة لمغادرة المكان بأمان، قبل أن يتعرض الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم إلى جرعة إشعاعية ذات شأن. وقد يكون أقسى أثر ضار كامن هو التلوث الطويل الأمد للمنطقة المحلية بالحبيبات المحمولة في الهواء والتي سيكون تنظيفها مكلفا.
محررو ساينتفيك أمريكان
جندي فرنسي يقوم بحراسة بطارية صواريخ مضادة للطائرات متمركزة بالقرب من أكبر منشأة أوروبية لإعادة معالجة النفايات في لاهاگ بنورماندي.
لقد وصلت الطاقة النووية إلى مرحلة حاسمة في تطورها، فالنجاح الاقتصادي للجيل الحالي من المنشآت في الولايات المتحدة اعتمد على تقنيات إدارية محسنة وممارسات واعية تؤدي إلى تنامي الاهتمام بشراء منشآت جديدة. أما التصاميم المبتكرة للمفاعلات فيمكن أن تحسِّن بصورة جذرية أمان واستدامة واقتصاديات منظومات الطاقة النووية على المدى البعيد وتفتح الطريق أمام انتشارها على نطاق واسع.